Tuesday, 23 February 2016

خطبة عربية: دور المتعلّم في تنشيط المجتمع ....

بسم الله الرحمن الرحيم

سيداتي وسادتي، أعزّائي الإخوة والأخوات،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

نلتقي اليوم في هذه الجلسة المباركة لنناقش معًا موضوعًا في غاية الأهمية: "دور المتعلّم في تنشيط المجتمع". إنّا نعيش عصرًا تزحف فيه التقاليد الغربية والعادات اللاإسلامية، فتدفع أبنائنا نحو الانحراف دينيًا وسلوكيًا، وتفرّق روابطنا الأسرية والاجتماعية. وفوق كل ذلك، يترصد لنا أعداء الأمة الإسلامية في الخفاء، يسعون لافتعال قضايا تُضعف وحدة صفوفنا.

أيها الإخوة، إننا في زمن يحتاج فيه المجتمع إلى قادة يعلّمون شؤون الناس، يمسحون دموعهم، ويعالجون مشكلاتهم، ويوجهونهم إلى ما أرشدهم إليه ربهم شرقا وغربا. إنّها مسؤولية عظيمة لا يمكن لأحد أن يتوانى عنها؛ فإصلاح الأمة وإنتقالها من حضيض التخلّف إلى قمم الرقي والارتقاء هو واجب مقدس على كل فردٍ منا.

فلنتأمل معًا ما جاء في محكم تنزيله:
"ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر"
صدق الله العليّ العظيم.

إن العلوم في الإسلام ليست مجرد معارف تحفظها الأذهان، بل هي نشاط تعليمي متكامل يشمل التعاون وتبادل الخبرات، ويُعتبر دعوة صادقة للارتقاء بالفكر والسلوك. لذا، يجب على كل طالب أن يلعب دورًا فعالاً في إعداد نفسه لمواجهة تحديات المجتمع ومناهجه المتباينة، ساعيًا لأن يكون جسراً بين الماضي الحافل بالحكمة والمستقبل المشرق بالإنجاز.

استذكروا يا إخوة الإيمان ما قاله الصحابي الجليل مصعب بن عمير رضي الله عنه حين سئل من ملك فارس عن دوره في العالم، فأجاب:
"والله ابتعثنا لنخرج الناس من الظلمات إلى النور، من ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن عبادة العباد إلى عبادة الرحمن وحده."
بهذا، نستلهم أن يكون المتعلّم منارات تهدي بهجاء الدروب وتنير ظلمات الحياة.

أيها الشباب، أيها أبناء الإسلام، هبوا بضمائركم الحية وتجمّلوا بأخلاقكم وسلوككم، لتكونوا هم عماد أمتنا، خير أمّة خرجت، تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر. إن مسؤولية إصلاح المجتمع لا تقع على عاتق أحد بمفرده، بل هي جبهة جماعية نرفع فيها راية الحق، والله سبحانه وتعالى هو المولى والنصير.

فلنجعل من العلم سلاحًا نرد به على كل مخلّفٍ يحاول أن يشتت وحدة صفوفنا، ولنعمل معًا على إحياء تراثنا الإسلامي الأصيل، متسلحين بمعارفٍ قيمة وقيمٍ سامية، نستعيد بها مكانتنا في هذه الدنيا ونصنع غدًا أفضل لأمتنا.

سامحوني على الإطالة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

No comments:

Post a Comment