Sunday, 21 February 2016

خطبة عربية: معاني رحمة الله....

بسم الله الرحمن الرحيم ، الصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى اله وصحبه أجمعين ، أما بعد : سادتي وأعزائي  "معاني رحمة الله"  هذا هو عنوان لقائنا مع حضراتكم في هذه المناسبة العطرة. 

 فيا أحبتي في الله - أوّلا وقبل كل شيئ  أودّ أن أنتقل بسعادتكم إلى مجلس النبي صلى الله عليه وسلم وهو ينظر إلى مجموعة من الكفار الذين قبضوا أسارى من معركة حنين وفي هذه الأثناء رأى عليه الصلات والسلام إمرأة منهم تطوف بينهم وهي تبحث عن ولدها ، وبينما هي باحثة عن طفلها لقيها غلامها فما لبثت أن ضمّته إلى صدرها وألقته ثديها فلمّا راها النبي صلى الله عليه وسلّم قال للأصحاب الذين كانوا ينظرون إليها " أترون هذه، أترون هذه طارحة ولدها في النّار " فقالوا :  لا لا يا رسول الله ، والله لا تطرحه في النّار وكيف تطرحه  فقال عليه الصّلاة والسّلام : " والّذي نفسي بيده، إنّ الله أرحم بعباده من هذه الأمّة بولدها" .                             
أجل يا سادتي وإخواني ، إنّ ربّنا جلّت قدرته قسّم رحمته أجزاءا وأنزل فينا رحمة منها وأمّا ما نراها اليوم في أنفسنا وفيما حولنا من رحمات وبركات فإنّما هي رحمة الله الوحيدة التي تتجزّأ من مئاتها، وبها تجعل المرئ ليّنا رقيقا ويصير صاحبها عطوفا مشفقا وبها تتراحم الخلائق وتتعاطف البهائم حتى ترفع الدابّة حافرها عن ولدها خشية أن تصيبها . وهذا ما قال ربّنا جلّت قدرته في محكم تنزيله " ورحمتي وسعت كلّ شيئ فسأكتبها للّذين يتّقون" صدق الله العظيم.                                                                                                   
تعالوا يا إخوة الإسلام ، انظروا إلى السماء حتى تصل أعينكم إلى الشمس التي طلعن ضاحكة مستبشرة تفرح برحمة الله المنّان . وانظروا إلى القطرات الممطرة والكواكب المستنيرة وهي ماتلألأت في صفحاتها ونسجت خيوطها إلاّ بما رأت من محاسن قدرة الله ورحمته . تفكّروا يا إخوة الإيمان ، فأين نحن من هذه العجائب والمعجزات . نعم ، عندما نتأمّل معاني هذه الرحمة وثناياها الباهرة تتجلّى أمامنا صورها وأعجوبتها وتتّضح لنا أنّ رحمة الله وسعت الخلق جميعا، مؤمنهم وكافرهم ، برّهم وفاجرهم، تقيّهم وشقيّهم كما أنّها  وسعت للحيوان الأعجم والنّبات الأخضر والجماد الأصمّ.                                                                                   
ففي إحدى المرّات ، دخل على رسول الله صلىّ الله عليه وسلّم أعرابيّ وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقبّل ابنه الحنون حسن بن عليّ رضي الله عنهما فقال الأعرابيّ إنّ لي عشرة أولاد ما قبّلت واحدا منهم فقال النبيّ صلى الله عليه وسلّم "من لا يرحم لا يرحم". نعم يا إخوة الإيمان ، إنّ الرحمة عنصر أساسيّ في الطبيعة البشريّة الخالصة وهي تجعل صاحبها مستحقّا للإشادة والتّكريم وأهلا لسعادة الأخرة كما ينادى إليها نبيّ الإسلام ورحمة للعالمين " إرحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء".                                                             
ومن أجل هذه الرحمة يغفرالله لعباده المذنبين كما جاء في الخبر أنّ الله تعالى يقول إنّي أستحيي أن يرفع عبدي يديه إليّ فأردّهما خائبتين فرفع عبد يديه إلى السماء"ربّ اغفرلي" والملائكة تعلم فجوره وظلمه فتقول الملائكة ربّنا إنّه ليس أهلا للمغفرة فيقول الربّ لكنّني أهل للتقوى والمغفرة. ما أجمل هذه المعاني وما أحسن هذا التراحم وفّقنا الله أن يرحمنا جميعا برحمته التي وسعت كلّ شيئ، سامحوني بالختام ، واخر دعوتي أن الحمد لله ربّ العالمين.                                                                                                                           

             


No comments:

Post a Comment