الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين، وعلى آله وصحبه الفائزين برضى الله.
أيها الأساتذة الفضلاء، والطلبة الأعزاء، وأحبائي في الله،
في هذه المناسبة المباركة، أودُّ أن أشاطركم بعضاً مما توصلت إليه حول موضوع "القرن الخامس عشر للتراث". إن هذا العنوان يستدعي منا اهتماماً بالغاً وعبرةً جمة، ففي زمنٍ يُهمل فيه الكثيرون التراث والعرف والعادات، يصبح من الضروري الرجوع إلى المصدر الأساسي لتعليماتنا، الذي بدأ نزولُ الروح الأمينة عليه السلام على ظهر الجبل؛ فالقرآن والسنة هما معاييرنا الثابتة، كما أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله:
"تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما، كتاب الله وسنة رسوله."
إن هذه الآية الشريفة تُذكرنا بضرورة العودة إلى المصادر الأصيلة عند بزوغ البدع والفرق والاختلاف. ومن هنا، أودُّ أن ألفت انتباهكم إلى أن من يدّعون التراث ويرفضون العادات التي سادت بين الأمة الإسلامية، فيرفعون أصواتهم ضد ما اعتاد عليه أجدادنا؛ فبينما يهمل البعض فن الحداد ويعتبرون قراءة المولد شكلاً من أشكال الشرك والضلالة، نسألهم: من أي مصدر استقبلتم التراث؟ وما هو المورد الذي روى لكم التعليمات؟
يا إخوتي، إن الصحابة رضي الله عنهم كانوا خير من علموا كيف تُبلَّغ رسالة الإسلام؛ فقد تولوا تبليغ الدين بعد أن أتم الله دينه يوم العرفة. فقد كان سيدنا أبي بكر رضي الله عنه مثالاً كاملاً في منهج الإسلام، وتلاه سيدنا عمر رضي الله عنه، ثم جاء التابعون والتابعون بتقليد هذا الحبل المتين، حاملين القلائد الإسلامية التي أنارت دروب الأمة في كل مكان. وقد أثبت التاريخ أن التجديد والإصلاح لم ينفصلا عن هذا النهج، إذ جاء المجددون حاملين رسالة التنوير الإسلامي عندما اشتدت أفاعيل الأعداء، وظلت أسماؤهم وأعمالهم تجديدية تُضيء صفحات التاريخ.
وإن ولايتنا في كيرالا قد شهدت بروز بدر الإسلام في عهد خاتم النبي الكريم؛ فالمساجد المنتشرة في أنحاء بلادنا تروي قصصاً عجيبة عن أصحاب رسول الله الكرام. وقد انتشر الإسلام بفضل الأيادي المخدومية الشريفة، حتى وصل لواء الإسلام إلى أيدي جمعية العلماء لولاية كيرالا، التي تُسلم لواء الدين إلى أيدي الإمام المهدي، في تجلٍ واضح لغيرة هذه الجمعية عن الدين القويم. ولهذا، أدعوكم جميعاً إلى الصفوف المتماسكة لهذه الجمعية المباركة؛ لعل الله يسهل لنا الصراط إلى الجنة.
وفي الختام، يا أحبائي، أذكركم بأن التراث الإسلامي ليس مجرد موروثٍ قديم بل هو منهج حياة يستمد قوته من القرآن والسنة. فلنُصرة الدين ولنُعيد للأمة مجدها بالتمسك بتلك الأسس الثابتة.
أقول قولي هذا، وآخر دعوانا أن الحمد لله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
No comments:
Post a Comment