بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على أفضل رسل الله، وعلى آله وصحبه الفائزين برضى الله.
أخوتي الأعزاء، سيداتي وسادتي،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اليوم، نلتقي في هذه المناسبة المباركة تحت عنوان "استمتع بحياتك"، لنتأمل معاً في معاني الجمال والاعتدال في ديننا الحنيف. إن ديننا جاء ليحوّل حياتنا من ضيقها إلى سعتها، ومن مشقتها إلى استمتاعها بترتيبٍ يليق بخلق الله الكريم. لقد علمنا نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم أن نحرص على زينة الدنيا مع الحفاظ على تواضع القلب؛ إذ يروى أن أحد الصحابة، وقد طلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون ثوبه نظيفاً ورأسه مزيناً، فسأله النبي: "أفمن الكبر ذلك يا رسول الله؟" فرد قائلاً: "لا، إن الله جميل يحب الجمال، والكبر من سفه الحق وازدراء الناس".
إن ربّنا جلّ قدرته يريد لنا أن نختار أجمل ما في الحياة، أن نتمتع بما رزقنا الله من ملبس وطيب ومنزل ومركب، فيسعَ شريعته إلى تزويدنا بكل ما يبهج النفس ويُرضي القلب. وقد أوجب الله ذلك بقوله في محكم تنزيله:
"قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ۖ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً ۚ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"
صدق الله العليّ العظيم.
فلنتأمل معاً في سيرة الصحابي الجليل مصعب بن عمير رضي الله عنه، ذلك الفتى الذي امتاز بشبابه وجماله، والذي كان له أثرٌ باهر في مكّة؛ إذ كان يُلبس الحضرميّة من النعال، وقد أثنى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلاً: "ما رأيت بمكّة أحسن لمّة ولا أرقّ حلّة، وأنعم نعمة من مصعب بن عمير". هكذا يُظهر الإسلام أن الاستمتاع بالحياة لا يتعارض مع التقوى، بل يُضفي على المظهر جمالاً وحضوراً يُعبّر عن السعادة التي يستشعرها الإنسان إذا ما عاش وفق قيم الدين.
أيها الإخوة، إن الاستمتاع بالحياة الحقيقي قائم على وجود مشاعر وأحاسيس متبادلة بين الناس؛ فلا يجوز لنا أن نُذلّ أنفسنا أو نشقيها. بل على العكس، يجب أن نحرص على أن نعيش حياة سعيدة ومُتوازنة، تُعيد إلى النفوس بهجتها وتُجدد روابط المحبة والإنسانية فيما بيننا.
فلم لا نتعامل مع بعضنا بهذه القيم؟ لماذا لا نُظهر تلك المشاعر والأحاسيس التي تحفّزنا على حب ديننا؟ إن جمال الإسلام وكماله يجعلاننا إنساناً يمشي على الأرض بثقة واعتزاز، ويستمتع بالحياة دون أن نغفل عن قيمنا الأخلاقية والدينية.
أخوتي الكرام، إن الله يتولى أمرنا وينصرنا، فإذا عرفتم جمال دينكم وجلال معانيه، ستكونون رمزاً للإسلام الحقيقي، حياة تنبض بالمحبة والاعتدال.
سامحوني على الإطالة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
No comments:
Post a Comment