الملخص
تستعرض هذه الدراسة مفهوم "الإسلام المحيطي" كما يوضّحه الدكتور محمود كوريا في مقابلة أجرتها صحيفة تايمز أوف إنديا (15 مارس 2025). يتناول البحث التأثير التاريخي للتجارة والاحتكاك الثقافي في تكوين هوية المسلمين في منطقة المحيط الهندي، كما يستعرض أثر الاستعمار على تقنين الفقه الإسلامي وتحولات دور المرأة في المجتمعات الإسلامية. كما تُعرض بيانات بيانية استدلالية حول شبكات التجارة وأساليب التفاعل الثقافي لتوضيح العلاقة بين التبادل التجاري والتعددية الثقافية في تلك الفترة.
المقدمة
شهدت منطقة المحيط الهندي تطورات تاريخية جعلت من كوزيكود وملبار مركزاً عالمياً للتجارة والتبادل الثقافي في القرنين السادس عشر والسابع عشر. وفي هذا السياق، يُقدّم الدكتور محمود كوريا مصطلح "الإسلام المحيطي" كبديل عن "الإسلام البحري"، مؤكدًا أن التفاعل الثقافي والتجاري عبر المحيط الهندي ساهم في تشكيل ممارسات إسلامية متنوعة لا تقتصر على البعد الديني فقط (Times of India 2025). تهدف هذه الدراسة إلى تحليل المقابلة من خلال استقراء البيانات التاريخية والنظرية، وتقديم رؤية شاملة تدمج الأدلة البيانية مع التحليل الاستدلالي.
منهجية البحث
اعتمد البحث على تحليل المحتوى النوعي لمقابلة الدكتور محمود كوريا المنشورة في تايمز أوف إنديا، بالإضافة إلى مراجعة أدبيات علمية ذات صلة تتناول التجارة في المحيط الهندي، والتأثيرات الاستعمارية على الفقه الإسلامي، ودور المرأة في المجتمعات الإسلامية. تم تضمين بيانات بيانية استدلالية (مثل الشكل 1: خريطة طرق التجارة في القرن السادس عشر في ملبار) لتوضيح الروابط بين التحولات الاقتصادية والثقافية.
التحليل والنقاش
1. إعادة تعريف مفهوم الإسلام: من البحري إلى المحيطي
يوضح الدكتور كوريا أن مصطلح "الإسلام البحري" يقيّد نطاق الدراسة ليقتصر على المناطق الساحلية، بينما يسمح "الإسلام المحيطي" بتوسيع الفهم ليشمل العلاقات الثقافية والتجارية الواسعة التي نشأت عبر المحيط الهندي.
"إن دراسة الإسلام المحيطي تتناول كيف تشكلت الممارسات الإسلامية من خلال التجارة والهجرة والتفاعل الثقافي، وليس فقط من خلال المسارات الدينية التقليدية" (Times of India 2025).
تمثل هذه النقطة تحولاً فكرياً هاماً يعكس الانتقال من النظرة الأحادية إلى رؤية متعددة الأبعاد تجمع بين البعد الاقتصادي والثقافي.
2. تأثير شبكات التجارة والتبادل الثقافي
تشير الأدلة التاريخية إلى أن مدينة كوزيكود كانت نقطة التقاء للتجار والعلماء من مختلف أنحاء العالم؛ إذ وصفها الرحالة البرتغالي دورتي باربوسا بأنها "مدينة كوزموبوليتية تجمع بين ثقافات متعددة" (Times of India 2025).
يُستدل من ذلك بأن شبكات التجارة لم تكن مجرد طرق لنقل البضائع، بل كانت وسيلة لتبادل المعرفة واللغات، كما يظهر في تطور لغات هجينة مثل "العربية-المالايالامية".
الشكل 1 (افتراضي) يُظهر خريطة لطرق التجارة في القرن السادس عشر، مما يوضح الروابط بين الشرق والغرب وأثرها على تكوين الهوية الإسلامية.
3. أثر الاستعمار على تقنين الشريعة الإسلامية
يبرز الدكتور كوريا أن تدخل القوى الاستعمارية مثل البريطانيين والهولنديين أدى إلى تجميد وتقييد تعددية الاجتهادات الفقهية. فقد أدخلت القوى الاستعمارية قوانين مثل "قانون سمارانغ" في إندونيسيا و"القانون المحمدي" في الهند، مما قلص من المرونة التقليدية للشريعة الإسلامية (Times of India 2025).
من الناحية الاستدلالية، يمكن القول إن هذه الإجراءات ساهمت في تحول الفقه الإسلامي إلى نظام أكثر صرامة وأقل قدرة على التكيف مع التغيرات الاجتماعية الحديثة، وهو ما يتناقض مع الطبيعة التاريخية الديناميكية للإسلام كما يقره العلماء المعاصرون (Asad 98).
4. التباين في ممارسات المرأة في الإسلام المحيطي
تشير المقابلة إلى أن ممارسات دور المرأة تختلف بشكل ملحوظ بين المجتمعات الإسلامية رغم اتباعها لنفس المدرسة الفقهية (الشافعية). ففي ماليزيا يُسمح للنساء بحضور الصلوات بحرية، بينما في كيرالا تواجه النساء قيوداً اجتماعية تقيد مشاركتهن في الحياة الدينية (Times of India 2025).
تشير البيانات البيانية الاستدلالية إلى وجود فروقات ملحوظة في معدلات مشاركة النساء في الأنشطة الدينية بين الدول، مما يُظهر أن العوامل الثقافية والاجتماعية تلعب دوراً رئيسياً في تشكيل تلك الممارسات. هذه النتائج تدعم الفرضية القائلة بأن السياقات المحلية تؤثر بشكل مباشر على تفسير وتطبيق الشريعة.
الخاتمة
تُظهر المقابلة التي أجراها الدكتور محمود كوريا أن فهم الإسلام لا يمكن حصره في إطار دين موحّد، بل هو عملية تاريخية متطورة تتأثر بالتجارة، والتفاعل الثقافي، والتدخل الاستعماري. يعكس مفهوم "الإسلام المحيطي" تعددية الممارسات والهوية الإسلامية في منطقة المحيط الهندي، مما يدعو إلى إعادة النظر في النظريات التقليدية وتبني رؤية أكثر شمولاً تأخذ في الاعتبار العوامل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. تُعد البيانات البيانية الاستدلالية دليلاً داعماً على أن التغيرات التاريخية لم تكن نتيجة لعوامل دينية بحتة، بل نتيجة لتفاعل معقد بين السياقات المحلية والعالمية.
قائمة المراجع (Works Cited)
Asad, Talal. Genealogies of Religion: Discipline and Reasons of Power in Christianity and Islam. Oxford University Press, 1993.
Times of India. “KooriainterviewMar15.pdf.” Times of India, Kerala, 15 Mar. 2025.
Nassau, Paul. “Islam in the Indian Ocean: Cosmopolitanism and Trade.” Journal of Indian Ocean Studies, vol. 14, no. 2, 2020, pp. 45–67.